ما جاء في البدع
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، وَبِهِ نَسْتَعِينُ
1 - بَابُ اتِّقَاءِ الْبِدَعِ
1 - حَدَّثَنَا أَصْبَغُ بْنُ مَالِكٍ: قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ وَضَّاحٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَعِيدِ بْنِ أَبِي مَرْيَمَ قَالَ: حَدَّثَنَا أَسَدُ بْنُ مُوسَى قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَيَّاشٍ، عَنْ مُعَانِ بْنِ رِفَاعَةَ السَّلَامِيِّ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْعُذْرِيِّ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: « يَحْمِلُ هَذَا الْعِلْمَ مِنْ كُلِّ خَلَفٍ عُدُولُهُ يَنْفُونَ عَنْهُ تَحْرِيفَ الْغَالِينَ وَانْتِحَالَ الْمُبْطِلِينَ وَتَأْوِيلَ الْجَاهِلِينَ »1 .
2 - قَالَ: وَحَدَّثَنَا أَسَدُ بْنُ مُوسَى قَالَ: حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ قَالَ: حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْعُذْرِيُّ عَنْ ثِقَةٍ عِنْدَهُ مِنْ أَشْيَاخِهِ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: « يَحْمِلُ هَذَا الْعِلْمَ مِنْ كُلِّ خَلَفٍ عُدُولُهُ يَنْفُونَ عَنْهُ انْتِحَالَ الْمُبْطِلِينَ وَتَأْوِيلَ الْجَاهِلِينَ وَتَحْرِيفَ الْغَالِينَ »1 .
3 - حَدَّثَنَا أَسَدٌ قَالَ: حَدَّثَنَا رَجُلٌ يُقَالُ لَهُ: يُوسُفُ ثِقَةٌ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ الْوَاسِطِيِّ رَفَعَهُ إِلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ أَنَّهُ قَالَ: الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي امْتَنَّ عَلَى الْعِبَادِ بِأَنْ يَجْعَلَ فِي كُلِّ زَمَانِ فَتْرَةٍ مِنَ الرُّسُلِ بَقَايَا مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ يَدْعُونَ مَنْ ضَلَّ إِلَى الْهُدَى، وَيَصْبِرُونَ مِنْهُمْ عَلَى الْأَذَى وَيُحْيُونَ بِكِتَابِ اللَّهِ [ الْمَوْتَى، وَيُبَصِّرُونَ بِكِتَابِ اللَّهِ ] أَهْلَ الْعَمَى، كَمْ مِنْ قَتِيلٍ لِإِبْلِيسَ قَدْ أَحْيَوْهُ وَضَالٍّ تَائِهٍ قَدْ هَدَوْهُ، بَذَلُوا دِمَاءَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ دُونَ هَلَكَةِ الْعِبَادِ، فَمَا أَحْسَنَ أَثَرَهُمْ عَلَى النَّاسِ وَ [مَا] أَقْبَحَ أَثَرَ النَّاسِ عَلَيْهِمْ، يَقْتُلُونَهُمْ فِي سَلَفِ الدَّهْرِ إِلَى يَوْمِنَا هَذَا بِالْحُدُودِ وَنَحْوِهَا فَمَا نَسِيَهُمْ رَبُّكَ، وَمَا كَانَ [رَبُّكَ] نَسِيًّا، جَعَلَ قَصَصَهُمْ هُدًى، وَأَخْبَرَ عَنْ حُسْنِ مَقَالَتِهِمْ، فَلَا تَقْصُرْ عَنْهُمْ؛ فَإِنَّهُمْ فِي مَنْزِلَةٍ رَفِيعَةٍ، وَإِنْ أَصَابَتْهُمُ الْوَضِيعَةُ .
4 - حَدَّثَنَا أَسَدٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا رَجُلٌ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْمُبَارَكِ وَيُوسُفَ بْنِ أَسْبَاطٍ قَالَا: قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ: إِنَّ لِلَّهِ عِنْدَ كُلِّ بِدْعَةٍ كِيدَ بِهَا الْإِسْلَامُ وَلِيًّا مِنْ أَوْلِيَائِهِ يَذُبُّ عَنْهَا وَيَنْطِقُ بِعَلَامَتِهَا؛ فَاغْتَنِمُوا حُضُورَ تِلْكَ الْمَوَاطِنِ وَتَوَكَّلُوا عَلَى اللَّهِ. قَالَ ابْنُ الْمُبَارَكِ: وَكَفَى بِاللَّهِ وَكِيلًا.
5 - حَدَّثَنَا أَسَدٌ قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ خَازِمٍ، عَنْ حَنْظَلَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ عَبْدِ الْكَرِيمِ أَبِي أُمَيَّةَ قَالَ: لَأَنْ أَرُدَّ رَجُلًا عَنْ رَأْيٍ سَيِّئٍ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنِ اعْتِكَافِ شَهْرٍ.
6 - حَدَّثَنَا أَسَدٌ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ الْحَذَّاءِ عَنِ الْأَوْزَاعِيِّ قَالَ: كَانَ بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ يَقُولُ: لَا يَقْبَلُ اللَّهُ مِنْ ذِي بِدْعَةٍ صَلَاةً وَلَا صِيَامًا وَلَا صَدَقَةً وَلَا جِهَادًا وَلَا حَجًّا وَلَا عُمْرَةً وَلَا صَرْفًا وَلَا عَدْلًا؛ وَكَانَتْ أَسْلَافُكُمْ تَشْتَدُّ أَلْسِنَتُهُمْ عَلَيْهِمْ، وَتَشْمَئِزُّ مِنْهُمْ قُلُوبُهُمْ وَيُحَذِّرُونَ النَّاسَ بِدْعَتَهُمْ. قَالَ: وَلَوْ كَانُوا مُسْتَتِرِينَ بِبِدْعَتِهِمْ دُونَ النَّاسِ مَا كَانَ لِأَحَدٍ أَنْ يَهْتِكَ عَنْهُمْ سِتْرًا وَلَا يُظْهِرَ مِنْهُمْ عَوْرَةً؛ اللَّهُ أَوْلَى بِالْأَخْذِ بِهَا وَبِالتَّوْبَةِ عَلَيْهِمْ، فَلَمَّا أُخِذُوا بِهَا وَكَثُرَتْ [دَعْوَتُهُمْ وَ] دُعَاتُهُمْ إِلَيْهَا، فَنَشْرُ الْعِلْمِ حَيَاةٌ، وَالْبَلَاغُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- رَحْمَةٌ يَعْتَصِمُ بِهَا مُؤْمِنٌ أَوْ تَكُونُ حُجَّةً عَلَى مُصِرٍّ مُلْحِدٍ.
7 - [وَ] أَخْبَرَنِي مُحَمَّدُ بْنُ وَضَّاحٍ، عَنْ غَيْرِ وَاحِدٍ، أَنَّ أَسَدَ بْنَ مُوسَى كَتَبَ إِلَى أَسَدِ بْنِ الْفُرَاتِ: اعْلَمْ يَا أَخِي إِنَّمَا حَمَلَنِي عَلَى الْكِتَابِ إِلَيْكَ مَا ذَكَرَ أَهْلُ بِلَادِكَ مِنْ صَالِحِ مَا أَعْطَاكَ اللَّهُ مِنْ إِنْصَافِكَ النَّاسَ وَحُسْنِ حَالِكَ مِمَّا أَظْهَرْتَ مِنَ السُّنَّةِ، وَعَيْبِكَ لِأَهْلِ الْبِدَعِ، وَكَثْرَةِ ذِكْرِكَ لَهُمْ، وَطَعْنِكَ عَلَيْهِمْ، فَقَمَعَهُمُ اللَّهُ بِكَ وَشَدَّ بِكَ ظَهْرَ أَهْلِ السُّنَّةِ وَقَوَّاكَ عَلَيْهِمْ بِإِظْهَارِ عَيْبِهِمْ وَالطَّعْنِ عَلَيْهِمْ، فَأَذَلَّهُمُ اللَّهُ بِذَلِكَ وَصَارُوا بِبِدْعَتِهِمْ مُسْتَتِرِينَ ، فَأَبْشِرْ أَيْ أَخِي بِثَوَابِ ذَلِكَ وَاعْتَدَّ بِهِ مِنْ أَفْضَلِ حَسَنَاتِكَ مِنَ الصَّلَاةِ وَالصِّيَامِ وَالْحَجِّ وَالْجِهَادِ وَأَيْنَ تَقَعُ هَذِهِ الْأَعْمَالُ مِنْ إِقَامَةِ كِتَابِ اللَّهِ وَإِحْيَاءِ سُنَّةِ رَسُولِهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَقَدْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: « مَنْ أَحْيَا شَيْئًا مِنْ سُنَّتِي كُنْتُ أَنَا وَهُوَ فِي الْجَنَّةِ كَهَاتَيْنِ وَضَمَّ بَيْنَ أُصْبُعَيْهِ »1 وَقَالَ: « أَيُّمَا دَاعٍ دَعَا إِلَى هَذَا فَاتُّبِعَ عَلَيْهِ كَانَ لَهُ مِثْلُ أَجْرِ مَنْ تَبِعَهُ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ »2 فَمَنْ يُدْرِكْ [يَا أَخِي] أَجْرَ هَذَا بِشَيْءٍ مِنْ عَمَلِهِ؟
وَذَكَرَ أَيْضًا أَنَّ لِلَّهِ عِنْدَ كُلِّ بِدْعَةٍ كِيدَ بِهَا الْإِسْلَامُ وَلِيًّا لِلَّهِ يَذُبُّ عَنْهَا وَيَنْطِقُ بِعَلَامَتِهَا فَاغْتَنِمْ - يَا أَخِي- هَذَا الْفَضْلَ وَكُنْ مِنْ أَهْلِهِ؛ فَإِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لِمُعَاذٍ حِينَ بَعَثَهُ إِلَى الْيَمَنِ وَأَوْصَاهُ وَقَالَ: « لَأَنْ يَهْدِيَ اللَّهُ بِكَ رَجُلًا خَيْرٌ لَكَ مِنْ كَذَا وَكَذَا »3 وَأَعْظَمَ الْقَوْلَ فِيهِ. فَاغْتَنِمْ ذَلِكَ وَادْعُ إِلَى السُّنَّةِ حَتَّى يَكُونَ لَكَ فِي ذَلِكَ أُلْفَةٌ وَجَمَاعَةٌ يَقُومُونَ مَقَامَكَ إِنْ حَدَثَ بِكَ حَدَثٌ فَيَكُونُوا أَئِمَّةً بَعْدَكَ؛ فَيَكُونَ لَكَ ثَوَابُ ذَلِكَ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ كَمَا جَاءَ الْأَثَرُ، فَاعْمَلْ عَلَى بَصِيرَةٍ وَنِيَّةٍ وَحِسْبَةٍ فَيَرُدَّ اللَّهُ بِكَ الْمُبْتَدِعَ الْمَفْتُونَ الزَّائِغَ الْحَائِرَ فَتَكُونَ خَلَفًا مِنْ نَبِيِّكَ [صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ]، (فَأَحْيِ كِتَابَ اللَّهِ وَسُنَّةَ رَسُولِهِ)؛ فَإِنَّكَ لَنْ تَلْقَى اللَّهَ بِعَمَلٍ يُشْبِهُهُ، وَإِيَّاكَ أَنْ يَكُونَ لَكَ مِنْ أَهْلِ الْبِدَعِ أَخٌ أَوْ جَلِيسٌ أَوْ صَاحِبٌ، فَإِنَّهُ جَاءَ الْأَثَرُ: مَنْ جَالَسَ صَاحِبَ بِدْعَةٍ نُزِعَتْ مِنْهُ الْعِصْمَةُ وَوُكِلَ إِلَى نَفْسِهِ، وَمَنْ مَشَى إِلَى صَاحِبِ بِدْعَةٍ مَشَى فِي هَدْمِ الْإِسْلَامِ. وَجَاءَ: مَا مِنْ إِلَهٍ يُعْبَدُ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَبْغَضُ إِلَى اللَّهِ مِنْ صَاحِبِ هَوًى، وَقَدْ وَقَعَتِ اللَّعْنَةُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ [صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ] عَلَى أَهْلِ الْبِدَعِ، وَأَنَّ اللَّهَ لَا يَقْبَلُ مِنْهُمْ صَرْفًا وَلَا عَدْلًا وَلَا فَرِيضَةً وَلَا تَطَوُّعًا، وَكُلَّمَا ازْدَادُوا اجْتِهَادًا وَصَوْمًا وَصَلَاةً ازْدَادُوا مِنَ اللَّهِ بُعْدًا. فَارْفُضْ مَجْلِسَهُمْ وَأَذِلَّهُمْ وَأَبْعِدْهُمْ كَمَا أَبْعَدَهُمُ اللَّهُ وَأَذَلَّهُمْ رَسُولُ اللَّهِ [صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ] وَأَئِمَّةُ الْهُدَى بَعْدَهُ.
1 : 2 : تخريج الحديث الترمذي : تفسير القرآن (3228) , وابن ماجه : المقدمة (205) , والدارمي : المقدمة (516). 3 : البخاري : المغازي (4210) , ومسلم : فضائل الصحابة (2406) , وأبو داود : العلم (3661) , وأحمد (5/333).
|